أزمة الكورونا في غزة وباء في ظروف الحصار، الفقر والاكتظاظ ![]() ثمة حاجة ملحة إلى تدابير طارئة لإزالة القيود، نقل المعدات والمساعدات الطبية بشكل كامل وشامل، وإنهاء الإغلاق الصارم لمليوني شخص في أكثر الأماكن ازدحامًا في العالم 1,641
لقد كانت مسألة وقت فقط قبل أن يصل وباء كورونا إلى قطاع غزة وبالرغم من أن الإغلاق العسكري أدى في البداية إلى تأخير تسلل الفيروس، فإنه الآن يهدد بتفاقم الأزمة. في تاريخ 21 مارس، تم تحديد المرضى الأوائل وخلال كتابة هذا التقرير كان هناك أكثر من 10 حالات تم التحقق منهم في القطاع. بالرغم من ذلك فإن الرقم المنخفض لا يعكس حقيقة الحالات ومن المرجح أن يكون العدد الفعلي أعلى بكثير. على الرغم من توقف عمل المؤسسات الدراسية في قطاع غزة كما في الضفة الغربية منذ السادس من مارس، إلا أن إجراءات واسعة النطاق لإغلاق الأسواق، والمساجد وايضا إجراءات لفرض العزل على نطاق واسع، لم تبدأ إلا بعد اكتشاف الإصابة الأولى، ومن الواضح للجميع أن الطاعون في هذه البقعة المكتظة قد ينتشر بسرعة كبيرة جدا. يعيش في قطاع غزة أكثر من مليوني شخص، في ظل ظروف لا تحتمل، حيث يتواجد أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، و90٪ من الأسر لا تحصل على مياه نظيفة بشكل مباشر. كما أن محطات معالجة مياه الصرف الصحي ومنشآت البنية التحتية تقريبا لا تعمل ويوجد نقص كبير في المعقمات الكحولية، ممكنا تطور وباء كورونا في غزة إلى نسب عالية إذا قورنت مع الأوضاع السيئة في المستشفيات الإيطالية. مع وجود 70 سريراً فقط في أقسام العناية المركزة، عشرات قليلة من أجهزة التنفس، نقص عام في الطاقم الطبي ونقص في نسبة 45٪ من الأدوية الأساسية — يمكن أن ينهار نظام الرعاية الصحية في القطاع بسرعة. كجزء من الحصار المستمر، تقيد حكومة نتنياهو إدخال الأدوية، المعدات الطبية المتطورة ومنع استبدال المعدات التي تعطلت وكذلك خروج الأطباء للتدريب والتعليم المستمر. مع عدد محدود من ساعات الكهرباء، تعتمد المستشفيات في غزة على التبرعات الخاصة لشراء وقود المولدات من أجل تشغيلها عدد ساعات أكبر! يقوم بإجراء اختبارات الكشف عن فيروس كورونا في قطاع غزة مختبر واحد فقط، والنقص في وجود عدة اختبار كافية هو بذاته شيء يبعث على القلق. حتى الآن، تم إجراء أقل من 1000 اختبار (حوالي 0.05 ٪ من السكان)، وقد سلمت الأمم المتحدة 1000 مجموعة اختبار للقطاع وإسرائيل 200 مجموعة أخرى، بينما شحنت الصين 10 آلاف مجموعة للسلطة الفلسطينية، لكن معلومات عن عدد مجموعات الاختبار التي سوف تصل بالفعل إلى القطاع وكيف لا تزال غامضة. وهذه الأرقام بذاتها ليست قريبة كفاية من أجل رسم خريطة للمرضى ووقف الانتشار السريع للوباء. تصنيع الكمامات الطبية لرجال الأعمال الإسرائيليينإلى جانب الهلع والقلق من انهيار نظام الرعاية الصحية، تفاقمت الأزمة الاقتصادية الحادة في قطاع غزة بسبب أزمة كورونا. رائد شكاشك، طالب أدب من غزة، كتب لموقع "نحن، مَن وراء السور" أن العواقب الاقتصادية المتوقعة للأزمة هي وخيمة، مع وجود بطالة بين الشباب بنسبة 70٪، "الكورونا سوف تدمر عائلتي أيضًا. سيتوقف إخواني الأكبر سنا عن العمل". مضيفًا، " حالنا حال معظم الناس في هذا المكان: ليس لدينا أي مدخرات، وبسبب الإغلاق الإسرائيلي الذي سحق الاقتصاد لن تكون حكومتنا قادرة على تحمل تكاليف برامج تعويضات ومساعدات البطالة على نطاق واسع، كما خططت دول مثل الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية لمواطنيها." بسبب النقص في المستشفيات والعيادات وكجزء من محاولة منع العدوى، تم إنشاء مستشفى ميداني في رفح، وتم تحويل مدارس الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) إلى عيادات لمرضى الجهاز التنفسي الذين قد يفتحون أعراض لفيروس كورونا. وقال عامر جودة لموقع المونيتور، بينما كان ينتظر في طابور العلاج مع ابنه في إحدى العيادات المؤقتة، "أصبحت مكتبة المدرسة صيدلية، وأصبحت الصفوف قاعات للفحص والعلاج". في الوقت نفسه، تحركت الأونروا لتقديم المساعدة الغذائية للأسر المحتاجة وتوصيلها حتى المنزل. بسبب النقص في المعدات الأساسية، بسرعة تم إنشاء خط انتاج لتصنيع معقمات كحولية في القطاع وتحويل مصانع النسيج لمصانع تصنيع بدلات واقية للفرق الطبية. بالإضافة إلى ذلك، تحرك مصنع خياطة الملابس يونيبال 2000، لإنتاج 20٬000 كمامة طبية في اليوم — جميعها يتم تصديرها إلى إسرائيل كل بضعة أيام وثم بيعها في السوق الخاصة من خلال رجال الأعمال الإسرائيليين، على الرغم من أن حكومة حماس المحلية طالبت بعدم تصديرها حتى يتم تلبية احتياجات القطاع. ومع ذلك، يقول صاحب المصنع في غزة "أن الناس يبحثون عن مكان لتحقيق الربح في ظل الأزمة، كثير منهم (رجال الأعمال الإسرائيليون) تحولوا في هذا الاتجاه ويطلبون منا انتاج الكمامات لهم". وزعم صاحب مصنع نسيج آخر، "الشركات الإسرائيلية أرسلت إلينا أقمشة لتصنيع الكمامات لهم، إنهم بحاجة إلى ملايين الكمامات ونحن نريد صنع 3 ملايين". بينما يبحث رجال الأعمال الإسرائيليون عن فرصة للاستفادة من الحاجة الملحة للكمامات الطبية من قبل الفرق الطبية وملايين السكان، تؤخر دوافع الربح لمصانع النسيج الاستجابة العاجلة لحاجة سكان غزة. على جانبي الخط الأخضر، يُطلب أن يتم إنتاج جميع المعدات اللازمة لمكافحة الوباء في أيدي عامة وغير ربحية، وتحت إشراف ديمقراطي مكوّن من منظمات العمال، الأطباء والممرضات. لا يجوز أن يحقق التجار ربحًا سريعًا على حساب المأزق العام من خلال تحديد ورفع أسعار الكمامات الطبية بينما المستشفيات نفسها تواجه نقصًا. بدلاً من إنتاج الصواريخ، أنتجوا أجهزة التنفس الصناعيإن الحكومات الرأسمالية الإسرائيلية التي أجفت النظام الصحي الإسرائيلي مسؤولة أيضًا عن سياسة الحصار التي تخنق سكان غزة وتضر بشكل قاتل بنظامها الصحي، مانعة استعدادها لمكافحة وباء عابر للحدود بين أمور أخرى. على خلفية السيناريو الذي سيكون فيه عدد المحتاجين لأجهزة التنفس في قطاع غزة أعلى بكثير من عدد أجهزة التنفس المتاحة، قال مسؤول إسرائيلي لـYnet، "إن إسرائيل لن تجلب مرضى كورونا من غزة إلى أراضينا. لن نستورد كورونا هنا". ونقل عن مسؤولين آخرين في المؤسسة الإسرائيلية قولهم إنه سيتم نقل المزيد من مجموعات ومعدات الاختبار في وقت لاحق، حيث هناك قلق في المؤسسة من عواقب أزمة حادة في قطاع غزة تخرج عن السيطرة. في غضون ذلك، من المتوقع أن تزداد حالات العدوى وتنتشر بكثرة، مستهدفة جمهور كبير في غضون فترة زمنية قصيرة إلى حد ما. اختارت الحكومة الإسرائيلية اليمينية إنفاق المليارات على تطوير أسلحة فتاكة لمساعدتها على "إدارة النزاع" بدلاً من الاستثمار في الإمدادات الطبية المنقذة للحياة مثل أجهزة التنفس وأسرّة العناية المركزة. في حالة انتشار الوباء ونقص في أجهزة التنفس في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 في نفس الوقت، هناك خطر واضح من أن الحكومة الإسرائيلية ستحاول حتى منع توصيل أجهزة التنفس الصناعي إلى قطاع غزة، مدعية أن أجهزة التنفس الصناعي ستأتي إلى مستشفيات غزة على حساب أجهزة التنفس الصناعي في المستشفيات الاسرائيلية. الآن بعد أن أصبح الوباء هنا، يجب تحويل خطوط الإنتاج، بما في ذلك صناعة الأسلحة، على الفور إلى الإنتاج السريع والكبير لأجهزة التنفس والمعدات الطبية الأخرى حسب الحاجة على جانبي الخط الأخضر. نود أن نؤكد أن الحكومة قد تم بالفعل دفعها لتحويل خط إنتاج في مصنع للأقمار الصناعية الفضائية والصواريخ في بلدة ياهود لإنتاج أجهزة التنفس. من أجل تلبية الاحتياجات الطبية الشاملة يجب تحويل مصانع كاملة، على نطاق واسع. لتفادي وقوع كارثة انسانية، يجب إزالة جميع القيود المفروضة على إدخال المعدات الطبية إلى قطاع غزة، وكذلك القيود المفروضة على إدخال الوقود، ومواد البناء، والمواد الغذائية والسلع لكي يتمكن السكان من الاستعداد بشكل جيد لمواجهة تهديدات الفيروس. خطر التصعيد العسكريفي الحملة الانتخابية الأخيرة، مثل التي سبقتها، هدد نتنياهو غزة مرة أخرى ب-"أُم كل الحملات" — أي، حرب أخرى مع مقتل آلاف الفلسطينيين، قتلى إسرائيليين، دمار هائل والمزيد من التدهور في الصراع القومي. وحتى في الوقت الذي كانت فيه أزمة كورونا جارية بالفعل، وقعت في الأسابيع الأخيرة المزيد من حوادث القصف الإسرائيلي في قطاع غزة وإطلاق الصواريخ العشوائي من قبل المنظمات العسكرية اليمينية في القطاع على بلدات في إسرائيل. زعيم حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، قال في مقابلة مع قناة الأقصى موجهًا حديثه لوزير الدفاع الإسرائيلي، نفتالي بينيت، "إذا وجد أن مرضى كورونا في غزة لا يستطيعون التنفس، سنقطع النفس عن 6 مليون صهيوني وسنأخذ ما نريده خاوة". يوجه السنوار، مثل نتنياهو، خطاب قومي مهدد هدفه تشتيت الإنتباه عن عجز النظام اليميني والموالي للرأسمالية عن تقديم استجابة جدية لأهم حالات القلق لدى الناس العاديين. إن المصالح الأساسية للعمال والفقراء على جانبي الصدع الوطني والجدار هي الكفاح الفعال ضد الوباء، وحماية الكرامة حتى في هذا الوقت، ومنع التصعيد العسكري. الفيروسات لا تعرف حدودا والطاعون وباء عالمي. هناك حاجة إلى تضامن يتخطى الحدود من قبل نقابات الأطباء، والممرضات والموظفين لضمان حل فعال للمشكلة، ولا يمكن أن تكون المعركة ناجعة وفعالة إلا على قدم المساواة. منظمات الموظفين والموظفات، الطاقم الطبي، والمؤسسات المجتمعية من الأشخاص العاديين قادرون ومطلوبون على التدخل وقيادة الأزمة من أجل تحقيق الفاعلية المستهدفة، بما في ذلك طلب معدات اختبار لكل السكان، تزويد المعدات الطبية ووسائل التطهير والحماية، منع اي ضرر قد يلحق بالأجور، ضمان مستوى المعيشة في ظروف محترمة، إشراف ديمقراطي على تنفيذ الإجراءات ومشاركة كاملة في الموارد والمعرفة في أنظمة الرعاية الصحية. خاصة الآن، من أجل اجتياز هذا الوباء ومن أجل المحافظة على أقل عدد ممكن من الضحايا على جانبي الحدود، يجب أن نناضل معًا، الناس العاديين، اليهود والعرب، الإسرائيليات والفلسطينيات. يجب على منظمات الأطباء والممرضات، ونقابات العمال الإسرائيلية بشكل عام، العمل بشكل وثيق مع نظرائهم الفلسطينيين والمطالبة بأن تسمح الحكومة الإسرائيلية بنقل جميع المعدات الطبية اللازمة لسكان غزة وإزالة القيود على السلع، كجزء من النضال من أجل بديل اشتراكي لواقع "فرّق تسُد"، الاحتلال، الحصار والصراع الدموي. * ترجمة من العبرية للعربية: سما مخول | ![]() المقالات الأخيرة في الموقع |