مصر مظاهرات احتجاجية جماهيرية في القاهرة والإسكندرية ![]() المتظاهرون يطالبون: يجب أن يرحل مبارك ونظامه 1,107
تشهد مصر مظاهرات هائلة هذا الأسبوع في القاهرة والإسكندرية والمدن المصرية الأخرى، وتحرآات لمحتجين يناضلون أخيراً بهدف إجبار الرئيس حسني مبارك ونظامه الفاسد بمغادرة السلطة. وتستمر التحرآات الثورية الجماهيرية التي بدأت منذ أسبوع مما يعني أن البنوك والشرآات ما تزال مغلقة وأن جزءاً آبيراً من الاقتصاد يشهد جموداً إلى حد كبير. وفي وقت آتابة هذا التقرير هناك تقارير عن أآثر من مليون شخصاً تجمعوا في القاهرة في عرض للقوة ضد النظام. وقد عُززت ثقة المتظاهرين نتيجة بيان الجيش المصري — وهو عاشر أآبر قوة في العالم — أنه لن يستخدم القوة ضد المتظاهرين وأن المطالب "مشروعة". وكان البيان ضربة آبيرة لمبارك الذي يعتمد اعتماداً آبيراً على الجيش. ونأت الولايات المتحدة بنفسها عن حليفها منذ فترة طويلة داعية إلى "انتقال منظم" و"انتخابات حرة ونزيهة". والسفير الأمريكي المتقاعد لمصر أوفد بسرعة إلى القاهرة من قبل واشنطن لحث نظام مبارك إلى "احتضان واسع للتغيير الاقتصادي والسياسي". وقد يكون آذلك بالفعل تحدث مع مبارك و"نصحه" بأن يترك منصبه ويسمح لحكومة عسكرية جديدة لتولي المسؤولية. "ارحل! ارحل! ارحل!"أجرى مبارك تعديلاً لحكومته مرة أخرى الاثنين الماضي في محاولة لتجنب الاحتجاجات. وقال النائب الجديد للرئيس عمر سليمان أنه سيجري "محادثات مع الأطراف" حول "الإصلاح الدستوري". ولكن بالنسبة للجماهير آان آل هذا أقل القليل وبعد فوات الأوان. وآما طالب أحد المتظاهرين الشباب: "نحن نريد رحيل مبارك ورجاله. أي شيء آخر لا يكفي" (الجارديان 2011/02/01). لقد وصلت مصر إلى نقطة تحول حاسمة. ولمدة أسبوع اتخذت الاحتجاجات الجماهيرية مكانها في شوارع القاهرة والإسكندرية والسويس وغيرها مطالبة بوضع حد لرئاسة الـ30 عاماً من حسني مبارك. والمتظاهرون يناضلون من أجل الحقوق الديمقراطية ووظائف ومواد غذائية بأسعار معقولة ووضع حد لقمع وفساد الدولة. وهزت الثورة جوهر نظام مبارك وأثارت الذعر الضخم في واشنطن وداوننغ ستريت التي تعتبر مصر حليفاً إقليمياً رئيسيأ لها. الطبقات المتوسطة والطلاب والعمال وفقراء المدن وحتى القضاة انضموا إلى الموجة العارمة من المعارضة للديكتاتورية. ولعدة أيام وقفوا في وجه الحلقة الوحشية من شرطة مكافحة الشغب والشرطة العدوانية ذات الملابس المدنية، وأرسل مئات الآلاف من المصريين رسالة واضحة: "ارحل! ارحل! ارحل!" ونقل الناس الكبار في السن المياه من شققهم إلى المتظاهرين في الشوارع. ورداً على ذلك نشرت شرطة مكافحة الشغب المكروهة الغاز المسيل للدموع واستخدمت الرصاصات المطاطية والذخيرة الحية. وقتل ما لا يقل عن 150 متضاهراً وجرح الآلاف. وفي مدن مثل الإسكندرية والسويس وصلت حرآة المعارضة إلى أبعاد التمرد ضد الشرطة وقوات الأمن التي انسحبت من أجزاء من المدن. وهناك عناصر قوة وسيطرة شعبية في بعض المناطق من البلاد، ولدى متظاهرين علاقات ودية مع الجنود العاديين. ومع ذلك، وفي وقت آتابة هذا التقرير، لا يزال يتمسك مبارك بالسلطة. وما زال من غير المستبعد أن يحاول مبارك اليائس أن يأمر باتخاذ إجراءات قمعية وآمحاولة يائسة البيان الذي أدلت به قيادة الجيش يشير إلى أنها تحاول أن تقدم نفسها على أنها "الحاآم" بين مبارك والجماهير، وتشرف على "الانتقال المنظم"، وتحافظ على آلة الدولة وتضمن استمرار المصالح العامة للطبقة الحاآمة ربما دون مبارك. ويمكن للفئة الأآبر من الجيش التي لديها إلى حد آبير علاقات وثيقة مع العمال والفقراء، يمكنها أن تدعم الحرآة الجماهيرية إن آان البرنامج واضحاً بندائه العمالي والنقابي وبالحق في إنشاء لجان عسكرية ديمقراطية يديرها الجنود العاديون لينتخبوا أعضاء المكتب. الجماهير تدفع لإزالة مبارك وجماعته من السلطة في حين أن النخبة الحاآمة تحاول إعادة بناء نفسها وربما حول تجميع "حكومة جديدة". ويحاول النظام لعب 'القط والفأر' مع المتظاهرين باستخدام شرطة مكافحة الشغب والجنود في الشوارع والطائرات العسكرية في الأجواء لتخويف الجماهير، آملاً في أن مثل هذه التكتيكات سوف ترى استنفاداً للمتظاهرين. ولكن هذه الاحتجاجات أآبر من ذلك بكثير بالملايين الذين لديهم القدرة والقوة لإسقاط ليس فقط مبارك بل آل المقربين منه والمستفيدين من نظامه الرأسمالي الفاسد كذلك. وحاول النظام أن ينشر رسالة أنه في حال انهار سيعم عدم الاستقرار والفوضى وذلك لتخويف الناس إلى التسامح باستمرار وجوده. ففي بعض المناطق آان هناك تفشي نهب وسرقة بالعنف. ومن الممكن أن يكون قد شارآت الطبقات الاجتماعية المهشمة في ذلك ولكن أيضاً ووفقاً لتقارير مستقلة آان الفاعلون هم شرطيون في ملابس مدنية، وناس مدانون عمداً من السجون. ولكن الشعب قد نظم حماية لمنازله ولأحيائه، لا سيما في المناطق الأآثر ثراء، وشكل مجموعات محلية في الشوارع ودوريات لمراقبة حرآة المرور مسلحة بعصي خشبية وسكاكين. وفي هذه الحالة هناك حاجة ملحة للجان منتخبة ديمقراطياً من النضال الجماهيري للدفاع ضد القمع الذي تمارسه الدولة وضد النهب وتشكل في جميع الأحياء والمدارس وأماآن العمل والكليات وترتبط على المستوى المحلي والمناطقي والوطني. وكان نظام مبارك أآبر متلق للمعونات الأمريكية في المنطقة بعد إسرائيل. ولقد استمر هذا التمويل آلة الأمن الوحشية التي استخدمت ضد العمال والشباب لفترة طويلة. وقد آان مبارك تابعاً خانعاً للسياسة الأميرآية في الشرق الأوسط، بما في ذلك بوصفه حارس سجن الفلسطينيين في قطاع غزة وآحليف ضد إيران. وتخشى واشنطن من مصر ما بعد مبارك يمكنها أن ترى تحولاً في سياستها في المنطقة مع وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة أو نظام آخر ليس مستعداً أن يكون مطيعاً مثل النظام الأخير. وفي حين أن القوى الغربية تعترف بأن التغيير لا مفر منه الآن في مصر، فهي تكره أن ترى مبارك يُحذف من قبل الثورة الجماهيرية نظراً للرسالة التي ترسلها الثورة إلى الجماهير المضطهدة في جميع أنحاء المنطقة. وزيرة الخارجية الأميرآية هيلاري آلينتون التي وصفت النظام المصري بأنه "مستقراً" من قبل أيام قليلة، تدعو الآن إلى "انتقال منظم" للسلطة — ما يعنى سلطة تكفل حماية مصالح الطبقة الحاآمة المصرية، فضلاً عن مصالح الامبريالية في المنطقة. وتحت "التوجيه" من واشنطن يمكن أن تُجمع "حكومة مؤقتة" بما في ذلك قادة مختلفة حتى من أحزاب المعارضة الصغيرة الموالية للرأسمالية، التي ولا أي منها لديه دعم جماهيري. ومن الممكن بذل محاولات للحفاظ على مبارك رسمياً في السلطة لبعض الوقت في حين أن التأثير الحقيقي يقيم مع سليمان أو شخصية أخرى بارزة من النظام. وإذا اضطر مبارك إلى ذلك، يمكن أن يستخدم محمد البرادعي أو شخصية أخرى لرئاسة الحكومة "الانتقالية" ولكن أيضاً الموالية للغرب والرأسمالية. الإخوان المسلمين الذين هم أآبر قوة سياسية معارضة أحجموا عن دعم الاحتجاجات في البداية. "في البداية أظهروا اهتماماً قليلاً في حرآة الاحتجاجات وأعلنوا أنهم لن يشارآوا، وفي وقت لاحق تم تجاوز هذه الأحداث وأجبروا على الانخراط أو المخاطرة بفقدان آل مصداقيتهم"، هذا ما آتب خليل العناني الخبير في شؤون الإسلاميين السياسيين في مصر (الغارديان 11/02/01). ولقد آلفت قادة الإخوان المسلمين البرادعي للتفاوض مع نظام مبارك ومن ثم لإجراء محادثات مع الجيش بشأن تشكيل "حكومة إنقاذ وطني". الحقيقة أن الحرآة الجماهيرية حتى الآن وإلى حد آبير هي "احتجاج علماني ضد الدآتاتورية" (الغارديان 11/01/31) يبين إمكانية بديل الطبقة العاملة غير الطائفي والاشتراآي في قيادة المضطهدين. ولكن هذا البديل على أساس الجماهير يجب أن يتم بناؤه، وفي غيابه قوات أخرى بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين — الذين رغم لهجتهم هم موالون للرأسمالية — قد يتمكنون، وعلى الرغم من الدعم الشعبي لهم المحدود في الاحتجاجات الجماهيرية الأخيرة، من أخذ مكاسب أآبر إن خطوا في فراغ سياسي. لقد أظهرت الحرآة الجماهيرية ملامح انتفاضة شعبية. في مراحلها الأولى وبعد عقود من الدآتاتورية فمن الأمور المفهومة أن تكون الاحتجاجات ترآز على مطالب وشعارات ديمقراطية. وحتى الآن، الطبقة العاملة لم تضع بعد بحزم وبوضوح شعارها الواضح على الأحداث الجارية. وللقيام بذلك بكامله يتطلب حزب جماهيري للطبقة العاملة مع وجود برنامج طبقي مستقل واشتراكي. لقد ذآرت قناة الجزيرة يوم 29 يناير أن 1700 عاملا في القطاع العام في السويس أقاموا إضراباً مفتوحاً مطالبين بإطاحة مبارك. وأعلن زعماء نقابيون مستقلون في 30 يناير عن تنظيم "اتحاد مصري للنقابات العمالية" جديد، داعياً إلى "تشكيل لجان في جميع المصانع والشرآات لحمايتها والدفاع عنها ولتحديد موعد لإضراب عام". ولكن في هذه المرحلة ليس من الواضح حجم القوى الممثلة في هذه التطورات. ويمكن للإضراب العام أن يوحد جميع شرائح الطبقات العاملة والمتوسطة مع الشباب والاحتجاجات في الشوارع. وإجراءات حاسمة من هذا القبيل — شالة البلد آله مما قد يعني نهاية مبارك ونظامه — يتطلب التخطيط والتنظيم من خلال تشكيل ديمقراطي للجان في أماآن العمل والكليات وأماآن أخرى. إن إزالة مبارك من السلطة سيكون خطوة آبيرة إلى الأمام للمصريين العاملين. ولكن من تلقاء نفسه لن يكون آافياً لتلبية احتياجاتهم وتطلعاتهم الطبقية من أجل مستوى معيشي أفضل. إن البرنامج الاشتراآي لتأميم جميع الشرآات الكبرى والبنوك تحت الرقابة العمالية الديمقراطية سيضع الأساس لتخطيط آيفية استخدام الموارد في مصر من أجل تلبية احتياجات جميع أولئك الذين حرموا من الحياة الكريمة في ظل نظام مبارك الفاسد وغيره. ويشير اشتعال التحرآات الذي بدأ في الحرآة التونسية إلى احتمال وجود حرآة جماهيرية في مختلف أنحاء المنطقة يمكنها أن تفوز بحقوق ديمقراطية وإحداث تغيير اجتماعي. الحكام المستبدون عبر شمال أفريقيا والشرق الأوسط مرعوبون من الاحتجاجات الجماهيرية المحلية ومن المظاهرات التي تجري في اليمن والسودان والأردن وسوريا وليبيا وغيرها. ويجبر نظام تلو الآخر على المسارعة إلى تقديم تنازلات للجماهير المثارة وخاصة خلال ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وستستمر لفترة طويلة التداعيات عن "تونس-آمي" من النضال الجماهيري الشعبي للحقوق الديمقراطية الحقيقية ولتحول المستويات المعيشة. | ![]() المقالات الأخيرة في الموقع |