مصر إضراب عمال النسيج يفتح الطريق لعمال الشرق الاوسط ![]() الإجراءات القمعيّة التي استعملتها الدولة وقوات الحكومة لم تستطع التحكم والسيطرة على الحركة العمالية 1,410
ملايين من عمال مصر لا يتلقّون بما فيه الكفاية من الخبز. كلّ يوم يجبر الناسعلى الوقوف في طوابير تأدي الى صدامات "دموية" من أجل الحصول على الخبز المدعوم من الحكومة بسعر $0.01 لكلّ رغيف. يتطر العمال والفقراء أن يقفوا لمدة ساعات في انتظار الخبز وشهدت الأسابيع الماضية مقتل بعض الناس في صدامات حول الكمية المحدود من الخبز المتوفّر. ظروف عمال مصر تسيء وتتدهور كلّ سنة. ان مدينة المحلة في مصر هي مدينة صناعية كبيرة ذات 24٬000 عامل. عقب إضرابهم الأخير في سبتمبر — أيلول 2007 رأى العمال ان ظروف معيشتهم تتأزّم من زيادة تكاليف المعيشة وبعد خبرات سابقة لم يعد العمال يأيّدون مطالبات محدودة حول تحسين ظروفهم فقط بل وسّعوا هذه المطالب لتشمل الطبقة العاملة بمجملها مثل رفع الحد الادنى للاجور. سبق وأن اضرب عمال شركة الغزل والنسيج في مدينة المحلة مرتين، وهم يمثّلون 15٪ فقط من عمال المدينة وحصلوا على دعم شامل من عمال المحلة. يدعو العمال الآن لإضراب عامّ في 4 ماي — أيار. هذا يبعث برسالة واضحة إلى سلطة الرئيس حسني مبارك الاستبداديّة وهي أنّ العمال غاضبين. حوالي 21٬000 شخص دعوا للإضراب على الFacebook. وكالات أنباء يفيدون أنّ النظام على استنفار عالي وأنّ الرئيس سيدعو لرفع الحد الادنى كمحاولة لتخفيف حالة الغضب عند العمال. تحاول الدولة المصريّة دائماً ان تقسم وتدمّر الحركة العمالية من خلال نقابات ضعيفة وقمع وسجن عمال مناضلين. مع ذلك نجح العمال في تنظيم أنفسهم والدفع بمطالبهم إلى الأمام. في اضرابات المحلة أظهر العمال كيف ينظّمون الحركة العمالية واستطاعوا ان يجبروا الحكومة على التنازل. حاولت الدولة أن تصوّر الحركة العمالية كمروّجة للعنف والاضطراب. ومع ذلك، تمّت الإضرابات الأخيرة على الرغم من قساوة الدولة وقمعها في السنة السابقة. بعد إضرابات كبيرة في ديسمبر — كانون الأوّل 2006 وفي سبتمبر — أيلول 2007 طوّر العمال التكتيكات وتتضمّنت معالجة قمع الدولة. فكرة الإضراب بدأت في فبراير — شباط عندما بلغت المفاوضات مع مسؤولي الحكومة حائطاً مسدوداً. على الFacebook، دعت مجموعة لإضراب في 6 أبريل — نيسان مطالبة بحقوق للعمال. شابّة تدعى أسرا أحمد والتي سجنت لقيادة الإضراب لمدة 20 يوم هي التي خلقت هذه المجموعة. بدأت الناس تنضم الى هذه المجموعة وبلغ عددها 70٬000 في ليلة 6 أبريل — نيسان. عمل شباب من الطبقة الوسطة مع العمال وساندوا الإضراب لينتشر عبر مصر. ان عمل الإنترنت لعب دوراً مهمّاً في الدعوة للإضراب وفي توضيح مطالبات العمال فأُوقف عدد من المجموعة والبعض منهم ما زالوا في السجن. 6 أبريل — نيساندعا عمال النسيج الذين يعملون في القطاع العام للإضراب منذ فبراير — شباط مطالبين بتحسين ظروف معيشتهم ورفع الحد الادنى، لكن الحكومة تجاهلت مطالبهم وحاولت أن تقسم وتضعف الحركة العمالية فرفعت الدعم المالي للطعام من 43 جني (8 دولار) إلى 90 (17 دولار). بالرغم من ذلك، رفض العمال أن يقسموا مطالبهم وألحّوا على الإضراب، ونظّمت الحكومة تحت الضغط من العمال اجتماعاً مع رئيس لنقابات (المسيطَر عليها من الحكومة) وسبعة آخرين من قادة النقابات طالبةً منهم ان يوقّعوا تعهّداً أنهم لن يضربوا. خمسة منهم وقّعوا التعهّد بينما اثنان رفضا فوُضع احد من الذين رفضوا في السجن. هذا التعهّد استُعمل من مسؤولين حكوميّين ونُشر في كل الصحف التابعة للحكومة فبدأت وكالة المخابرات حملة ضغط استهدفت فيها الحركة العمالية. وهدّد وزير الداخليّة باستمرار بأخذ إجراءات ضدّ أيّ شخص يساهم في الإضرابات. لكن الإجراءات لم تكن كافية لتوقيف الإضرابات بل حدّد العمال توقيت الإضراب دون تأخير. وفي ليلة 5 أبريل — نيسان أطلق العمال بياناً يدعو للإضراب. في صباح 6 أبريل — نيسان استيقظ العمال فوجدوا عددا غير مسبوق من قوات الامن يملأ المدينة. وقد صُرف عاملو دوام الليل مبكراً بينما عمال دوام النهار أُجبروا على أن يدخلوا المصنع من أبواب مختلفة. إتُّخذت هذه الاجراءات لكي لا يلتقي العمال في المدخل الرئيسي. عندما دخلوا مكان العمل للشركة وجد المضربون مئات من قوات الامن في ثياب مدنيّة يمنعون العمال عن التجمّع. من خلال هذه الإجراءات، توقّف الإضراب في البداية. عند هذا الوقت، كان هناك عدد كبيرمن عمال المدينة في حالة غضب وتوتر ينتظرون الإضراب ضدّ الاسعار العالية. وبقيت المدينة على استنفار حتّى بداية الحركة العفويّة فهاجمت قوات الأمن هذه الإحتجاجات واستعملت إجراءات قمعيّة أدّت إلى الثوران والصدامات التي استمرّت حتّى الليل المتأخّر. اليوم التالي، في 7 أبريل — نيسان تمّ تجمّع عفوي في احد الشوارع الجانبيّة وبدأت الناس تتجمّع في تظاهرة ضدّ الاسعار العالية. تحرّكت مئات الناس نحو الشارع الكبير في المدينة وإلى المربّع الرئيسيّ وفي بداية المظاهرة، شكّل حشد كبير عارضات وأتت قوات الأمن لتفرّق الناس، فألقوا القبض على احدى العمال مما أثار غضب العمال الاخرين. وطالب العمال بإطلاق سراح رفيقهم مما أجبر قوى الامن على اطلاقه. الشرطة تستعمل الغاز ضدّ المتظاهرينفيما بعد، عدد كبير من جنود الأمن بدأ باطلاق قنابل الغاز ضدّ المعارضين مما أدّى الى مضاعفة عدد المتظاهرين عندما بلغ المعترضون المربّع. عندما سارت التظاهرة عائدة الى المدينة انقسم العمال الى مجموعات صغيرة، وعندما هاجمت قوات الامن أوساط الاعلام غضب العمال فحموا الاعلام كي تسجل وتصور الاحداث كما هي. قرّر جزء من المتظاهرين الذهاب الى مقر الشرطة الرئيسيّ والاعتراض عند الأبواب للمطالبة بإطلاق سراح رفاقهم العمال الذين احتُجزوا في يوم ماً قبل الاضراب. وفي المقرّ الرئيسيّ للشرطة أطلقت قوات الامن الرصاص في اتجاه المحتجّين بعشوائيّة واحتجزت العشرات منهم. و بعض من الذين احتُجزوا لم يكن لهم اي علاقة بالمظاهرة وضربوا بعنف بعصي خشبيّة مما سبّب إصابات وقتلة. انتهت المظاهرة بثلاثة قتلة وعشرة جرحة ومئات في السجن. اليوم التالي زار رئيس الوزراء المصري المدينة ومعه عدد من وزرائه، فحاول أن يهدّئ العمال بالتقائه عدد محدود ومختار منهم وقدّم لهم راتب شهر كعلاوة وبعض فوائد إضافيّة للمدينة. الإجراءات القمعيّة التي استعملتها الدولة وقوات الحكومة لم تستطع التحكم والسيطرة على الحركة العمالية. تلك الاجراءات تضمّنت التحكم بالنقابات والضغط على العمال وتشويه الحركة وكأنها للتخريب وضدّ مصلحة العمال. لكن العمال كانوا منظّمون ومصرون على ان يعترضوا دون تخريب. ظهر هذا النوع من التنظيم في اضرابات ديسمبر — كانون الأوّل 2006 وسبتمبر — أيلول 2007 عندما توقف عمال مدينة المحلة عن كلّ العمل ما عدا العمل في شركات الماء والمحروقات كي لا يسبب الاضراب بتأثير على المستشفى المحلية. فلدى هؤلاء العمال سمعة جيدة كحركة منظمة وواعية لحقوق الجماهير. دور ملهمفي الفترة المقبلة، ستشهد مصر والمنطقة حركات للعمال والفقراء ينتفضون ضدّ الفقر والقمع. قد أثبت عمال مصر أن الاضرابات العفويّة ممكن تنظيمها وأن تأثيرات هكذا تحرّك طبقي عمالي جزري يستطيع أن يجبر الحكومة على التنازل. يلعب عمال المحلة دوراً ملهماً وداعياً بشكل غير مباشر عمال المنطقة أن يستأنفوا ويتبعوا خطواتهم. | ![]() المقالات الأخيرة في الموقع |